لقطات من صفحات يومي خلف الريشة

هويتي هُنا

Kuwait
اشْتِعَالُ عِنْدَ مُفْتَرَقٍ الريشة فَ تتعثرْ كي ترسمُنا أو ربمّا نرسمْ ما خلفْ أشياؤنا التي تتساقطْ مِنْ حكاياتْ الحياة ..! بكُلْ وضوحْ سأكُونْ بِرفقتكُمْ خلف مُفترقات الألوان للتواصل معي twitter/ @jaber_aleneze

30 سبتمبر 2011

من ما كتبت



مقال منشور لجريدة الراي الكويتية
2011/9/25





أثر الالوان على الاقتصاد والمكان



جابر العنزي


رغبت وبشدة أن أثبت فكرة كانت قد طرأت على بالي منذ فترة، ومن خلال بحثي المصغر - الذي قمت به من خلال دمج بعض المعلومات والدراسات والتجارب، وحسب تخصصي في مجال الاقتصاد والعلوم المالية والادارية ومجال الفنون الجميلة - توصلت إلى ان لتلك الاساليب الفنية التشكيلية واللونية اثرها في رفع مقدار الربح الذي قد تحققه تلك المؤسسات والمنظمات الربحية وايضا الخدمية، ورفع مقدار نسبة الكفاءة التشغيلية في تلك المنظمات على الافراد «العملاء والعاملين».
أبدأ فقرتي بطرح السؤال التالي... هل للألوان أثر على الاقتصاد؟
للاجابة سأوضح مبدئيا اثر اللون النفسي على الانسان ومزاجه، حسب ما نشر مسبقا في احدى مقالاتي.
أثبتت الدراسات العلمية أخيرا ان للألوان أثرها النفسي على النفس البشرية، وتغير مزاج الاشخاص والانتقال بهم من حال إلى حال آخر.
مثال: ان الألوان الحارة منها الاحمر والاصفر والبرتقالي «ألوان النار»، اثر مباشر في رفع مستوى الانفعال الحسي والجسدي ولفت النظر، فنشاهد ان اغلب اللافتات الاعلانية وماتحويه من شعارات واشكال وصور هي في اغلبها تتشكل من الألوان الاحمر والاصفر والبرتقالي، فلو ركزنا على اعلانات مطاعم الوجبات السريعة فسنلاحظ انها تتكون من تلك الألوان حتى تجذب أنظار الزبائن اليها.
اذاً هذه الألوان هي ألوان وهاجة لافتة للنظر من اول لمحة يمكن رؤيتها خلال الليل او النهار.
وفي المقابل ان لهذه الألوان الأثر السلبي على المزاج البشري، فمن يمعن بها لفترة طويلة قد يحس ببعض الملل وعدم الارتياح وقليل من الارتباك، وقد استخدمت بعض الدول العظمى في الحربين الاولى والثانية اللون الاحمر في غرف التعذيب الخاصة بأسراها، لأثرها السلبي عليه وبالتالي التأثير على عملية الاستجواب.
وفي اقتصادنا الحالي نرى تلك الألوان ايضا تدخل في ديكورات بعض تلك المطاعم ذات الوجبات السريعة والاستثمار السريع، من ذاك الاسم اي السرعة اوضح لكم قاعدة اقتصادية بصورة مبسطة، وهي الاستثمار السريع لطاولة الطعام ومعدل دوران الزبائن عليها.
فلكل طاولة من تلك الطاولات معدل دوران، وهو ان الهدف هنا ان يجلس على تلك الطاولة أكبر عدد من الزبائن في اليوم، وبالتالي الوصول الى الربح بطريقة سريعة.
يتدخل اللون هنا في عملية الدوران بصورة مباشرة، عبر وسائل عدة تتعلق بالفنون الجميلة، وهي زيادة الاضاءات المباشرة «السبوت لايت» في المطعم، والتي تسبب الازعاج البصري والحراري، وعبر تصميم طاولات قد لاتكون مريحة مثل أن تكون الطاولة بارتفاع غير مريح للزبون او بتصميم شبكي مؤذي لساعد اليد والذراع، وايضا عبر الكراسي التي تكون من البلاستيك او الخشب، من دون اي سنادات اسفنجية او قطنية وتكون بشكل قائم ما يؤثر سلبا على الظهر.
ايضا من خلال وضع الألوان الحارة ذاتها في التصميمات والاشكال الهندسية داخل المطعم.
كل تلك الامور هي مزعجة للزبون، وهنا يتضح هدف تلك المطاعم السريعة، وهو ان يطلب الزبون وجبته ويأكلها وينصرف بأسرع وقت ممكن، بالتالي توفير طاولة شاغرة مهيئة للزبون التالي.
والعكس تماما مع الألوان الباردة ومنها الازرق والبنفسجي والاخضر وهي غالبية «ألوان الطبيعة»، وهي اللون الاغلب على كوكبنا الأرضي. وكل لون مصنع يذكر حاسة البصر بألوان الطبيعة تلك تترك الاثر الايجابي، وتبعث الطاقة الايجابية المهدئة للنفس البشرية.
وأيضا هي ألوان تمتص كل الضغوط النفسية والجهد الواقع على الانسان نتيجة الاعمال اليومية، والاحتكاك المباشر وغير المباشر من قبل اشخاص سلبيين او أعمال سلبية.
إذاً هذه الألوان وعلى عكس الألوان اللافتة الحارة ستترك اثرا ايجابيا على المنظمات التجارية، وسأضرب مثالا لو دخل احدنا الى احد المقاهي الراقية في اي فندق مشهور سنجد بأن كل مايحتوي عليه هذا الكافيه او المطعم من اثاث او ديكور ستكون مجهزة وبكثرة بالألوان الباردة من رسومات او لوحات على الحائط، وهي ألوان مريحة جدا للعين وينصح بها من قبل اطباء النفس، وايضا سنجد الاضاءات الخافتة ومرشات العطور الزكية والموسيقى الهادئة والكراسي والكنبات المريحة المبطنة بالاسفنج، والذي يتشكل حسب شكل الظهر والجسم «التأثير البصري والسمعي والجسدي والشم» الايجابي.
اذاً فمن الطبيعي ان زبون هذا المكان يبحث عن الراحة، وسيجدها عبر تلك الوسائل اللونية والديكورية المريحة وهي تلك الامور التي تضعها تلك الأماكن في حسبانها وصلتها بكسب زبون دائم، يمتد بعلاقة ممتازة طويلة بها.
لان الزبون المرغوب به هنا هو زبون يتم توفير سبل الراحة له بشتى الطرق، حتى يستمر في الطلبات وبالتالي رفع كلفة الفاتورة النهائية.
بالتالي عندما يرى كل هذه الراحة والخدمات المتوافرة له، سيكون على أتم الاستعداد لدفع أي مبلغ يتم تسعيره وطلبه.
الفرق في النظامين التجاريين السابقيين، هو انه في الاول يبحث عن أكبر عدد من الزبائن خلال اليوم، والعكس تماما في النظام الأخير، وهو أنه توجد علاقة عميقة ممتدة بين المكان والزبون، وبالتالي الوصول الى زبائن قلائل يمتازون بولاء للمكان والاستعداد للدفع.
ان للألوان والفنون الجميلة اثرها البليغ والمباشر والمحسوس على المنظمات التجارية والخدمية، فعندما تقوم المنظمة بتعيين خبراء بالألوان فهذه منظمة متقدمة، وتعرف كيف تخطط لبقائها في ميدان المنافسة الاقتصادية بجوده وكفاءة عاليتين.
وهذا ما نراه في الفترة الأخيرة للمحال التجارية.
ان موضوع الاهتمام بالديكور والاضاءة والأثاث، هو الجانب المهم والدور الفعال، الذي يجب ان يؤخذ في الحسبان وإلا انقلب الحال للمؤسسة الربحية، وسقطت في دوامة الخسائر من كل النواحي.

* فنان تشكيلي كويتي
jaber_art@live.com
المقال على الجريدة

http://alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=299502&date=25092011